منتديات الزجال محمد محاميد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الزجال محمد محاميد

منتديات الزجال محمد محاميد
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الذئب المجــروح

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
غريب الدار

غريب الدار


عدد الرسائل : 4
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 23/03/2008

بطاقة الشخصية
الاطار:

الذئب المجــروح Empty
مُساهمةموضوع: الذئب المجــروح   الذئب المجــروح Icon_minitimeالإثنين مارس 24, 2008 4:22 pm

انطلق صوت العصافير وانا اجلس على الجليد
في يومى الرابع الذى لم أر فيه الشمس
في ذلك المعتقل الرهيب من معتقلات سيبيريا
وقد غطى الثلج كل المساحات على مدى بصرى
في ذلك المعتقل الذى سرق من حياتى سبع سنوات متتالية
واصبح كل شئ مغطى بالقطن الابيض
وبتلقائية جلست أتابع حركة العصافير التى ترتعش من قسوة الجو ، وانا اتسائل كيف لها أن تعيش في هذا المناخ القارس
لتختار تلك الشجرة بعينها في ضواحى المعتقل ... بجانب برج المراقبة الهزيل
ثم أهملت المنظر الرتيب
وأخذت أجمع بعض الأغصان الضئيلة
لأشكلها بشكل متناسق ، مثلما كنت افعل في ميدان الكشافة الخاص في مدرستى
وأشعلت فيها النار بقداحتى الصدئة
لأراقب شعلة النار المتراقصة
لأسبح بذكرياتى في مخلفات ما تبقى من صورة عشيقتى
وارتسمت ابتسامة شاحبة، لم ألبث أن عقدت حاجبىّ في دهشة
وقد خيل لي أن هناك قطعة بيضاء تتحرك من الثلج
فأخرجت منديلا أقل ما يوصف به، أنه متسخ ...
كى أمسح نظارتى المتهالكة وأرتديها من جديد وانا أدقق النظر جيدا
إلى أن اتضح ذلك الذئب الشاهق البياض
وهو يسير متكئا على قوائمه الثلاثة ، متجها الى تلك الشجرة التى تعتليها العصافير
ليجلس تحتها وهو يئن في ألم يمزع نياط القلب
والتفت حولي في دهشة لأتأكد أن هناك من يتابع معى هذا المشهد، وثارت في ذهنى تساؤلات عديدة، مع دهشة مصحوبة بشفقة على ذلك الحيوان
وكانت حيرتى الكبرى، هو كيف وصل ذلك الذئب إلى المعتقل
لم ألبث أن نفضت كل هذه التساؤلات وأنا أقوم من مجلسى بجانب النيران وأنا أتسلل في صمت تام إلى مكان الذئب
كان الذئب يجلس في صمت أليم
وهو يلعق يده اليسرى في ألم
والدماء تسيل منها على الثلوج، لتفرش قطراتها الحمراء على القطن الابيض
ووقفت اتأمله لدقائق، وهو ينظر إلي بين الفينة والأخرى
لكنى تمالكت نفسي، وجمعت شجاعتى لاتقدم منه
ووضعت يدى على رأسه في صمت حنون، ليغمض عينيه ويطلق عواءه المؤلم مجددا، واكملت لمسى لجسده الذى احسست ببرودته وضعفه ...
وما ان وصلت إلي يده، حتى سحبها في سرعة ... لكنى ابتسمت له مطئمنا، واعدت الكرة
ووجدتها مكسورة ... واستعدت في ذاكرتى مبادئ الكشافة بصعوبة وأنا ابحث حولى عن أي شئ يصلح كجبيرة لهذا الحيوان
ثم وقفت في حركة مباغتة ، فتراجع الذئب في رقدته وهو يظننى مجنونا ، وانطلقت اركض بكل طاقتى الى تلك الشعلة التى اشعلتها ، لاخرج منها غصنين واغرزهما في الثلج سريعا ، والتقط ذلك الحبل الذى اتخذه حزاما لسروالى وعدت ادراجى مسرعا ، وبدأت اعيد الألفة بيننا مجددا ، حتى استطعت في حركة مباغتة أن أعيد وضع عظامه المكسورة في قوة وسرعة
وانطلع عواء الذئب يرج المكان
وانتفض جسدى في قوة وأنا أتلفت حولى في جزع كامل
ليتجمد المنظر في ثوان معدودة وانا أرهف سمعى، ثم التقط انفاسى بصعوبة والعرق يتصبب منى بالرغم من برودة الطقس لأتأمل ذلك الحيوان وقد فقد الوعي
لأصنع له الجبيرة في اتقان وانا سعيد للغاية حتى انتهيت منها
وتأملت عملى بعد انتهائه بنظرة أخيرة
لأترك الذئب في فراق صعب وكأنه اصبح صديقا لي ...
وعدت أدراجى إلى زنزانتى في صمت ، لأستلقى على فراشى المعدنى وانا اقرر أن ذلك الذئب قد اصبح هدفا لوجودى
.**********
وفي اليوم التالى، انطلقت الى نفس المكان ولكنى لم أجد الذئب، وانتظرته طوال النهار دون جدوى
وتكرر الأمر في اليوم الثانى والثالث
وكدت أن أفقد الأمل
حتى عثرت عليه في مساء اليوم الرابع
ورقص قلبي طربا وانا أراه يمشي بشكل معقول جدا وهو يحمل عصفورا في فمه ليجلس تحت الشجرة يتناوله في صمت
واقتربت منه، وعرفنى
وداعبت فراءه الوثير، وهو يلعق يدي في صمت حنون
ودبت بيننا أواصر الصداقة
لمدة شهر كامل ... حتى بدأ يسترد كامل قواه
ونحن نسهر سويا في كل ليلة
وفي صباح أحد الأيام التى لا تحمل الشمس
انفجر المكان بعدد هائل من العساكر وهم يقومون بتفتيشهم الدورى على المعتقل
وجاء الكولونيل الغليظ ليلقى علينا اسماء المفرج عنهم
ولكنى لم أكترث للأمر
فقد اعتدت هذا الاجراء منذ سبع سنوات دون جديد
لكن القدر كان يخبئ لي خبر الافراج عنى هذه المرة
ولم أصدق نفسي
وفي احتفال سامر ... رقصت كثيرا انا واصدقائى المفرج عنهم
ونسيت أمر الذئب
أنستنى الفرحة صديقي
حتى انطلق صوت عيار نارى
أخرسنا جميعا
وتدراكت الامر في عقلى، فالعيار لم يتبعه صوت صفارات الانذار
وتذكرت الذئب الجريح
وانطلقت بكل ما ملكت من قوة إلى الشجرة
ووجدت الأضواء الباهرة للبرج تسلط الضوء على تلك الجثة
جثة الذئب
وانا أحدق في جثة الذئب غير مصدق
وانطفأت أضواء البرج المسلطة عليه
والتف الجميع حولى
وأنا لا أشعر بوجودهم
لم أعد أشعر بشئ
فقد كنت أحتفل بفرحة ميلاد، التى كانت في نفس الوقت
لحظة وفاة صداقتى
ورفعت عينىّ إلى السماء الملبدة بالغيوم
لأطلق صرخة من أعماق كيانى ووجدانى
صرخة ذئب مجروح
م

تقديري
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باسل يوسف محاميد
مشرف عام
باسل يوسف محاميد


عدد الرسائل : 260
العمر : 37
تاريخ التسجيل : 31/12/2007

الذئب المجــروح Empty
مُساهمةموضوع: رد: الذئب المجــروح   الذئب المجــروح Icon_minitimeالثلاثاء مارس 25, 2008 6:07 am

تسلم حبيبي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد محاميد
المدير العام
محمد محاميد


عدد الرسائل : 301
تاريخ التسجيل : 16/12/2007

بطاقة الشخصية
الاطار:

الذئب المجــروح Empty
مُساهمةموضوع: رد: الذئب المجــروح   الذئب المجــروح Icon_minitimeالثلاثاء مارس 25, 2008 6:25 am

مشكور حبيبي قصه رائعه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بنت الخوالد

بنت الخوالد


عدد الرسائل : 117
تاريخ التسجيل : 04/01/2008

الذئب المجــروح Empty
مُساهمةموضوع: رد: الذئب المجــروح   الذئب المجــروح Icon_minitimeالسبت مارس 29, 2008 10:24 am

يسلمو خيي
قصة رووعة لاخلا ولا عدم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الذئب المجــروح
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الزجال محمد محاميد :: الاقسام الادبيه :: قسم القصص والرويات-
انتقل الى: